الجمعة، 3 يونيو 2011

كتاب مفيد: الأبو@ في الحقبة الرقمية.

رب صدفة خير من ألف ميعاد، هذه هي العبارة المناسبة لوصف عثوري على كتاب مهم أصدرته منظمة اليونسكو حول الشبكة العالمية للمعلومات، في موضوع موقف الوالدين والأولياء عموما من تصفح أبنائهم للشبكة العالمية مع ما فيها من مضار ومفاسد لا تخفى على ذي بصيرة، وكيفية التصرف ..هل السماح التام ؟ أم الرفض المطلق؟؟
إن الشبكة العالمية للمعلومات محيط من الأخبار والمعطيات والمعارف، يختلط فيها السليم بالسقيم، والثمين بالبهرج، ولا يفرق بين الفضة والقضة إلا البصير أما من تغره المظاهر فقد يخلط بين التبر والبعر.
من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب، وضرورة الاطلاع عليه والاستفادة منه، إنه دليل تربوي متاح لعموم الآباء، يرشدهم إلى كيفية التعامل مع هذا الكائن الوديع النافع المسالم الذي قد يتحول - بنقرة واحدة - إلى وحش ضار فتاك، إن لم يمتلك المقبل عليه مقاليده، ولم يتمكن من ترويضه ليستفيد من فوائده، فقد يلذغه على حين غرة ويلقي به في مهالك قد لا يخرج منها أبدا وإن خرج فبرأس طمرة ولجام كما يقال.
لا أعد الكتاب صالحا من كل نواحيه فقد حرر بنظرة علمانية غربية لا تنظر إلى الأخلاق إلا بنظرة غربية قوامها قواعد التصرف السليم والأخلاق العقلية المجردة من الروح الدينية الإيمانية. ولا تأخذ بعين الاعتبار إلا الحفاظ على الطفل القاصر حتى لا تنتهك حرمته، وتهان كرامته حتى يبلغ ويرشد فله قياد أمره، فإن شاء استمر في أخلاقه وصيانته وأنى له ذلك وهو في الغرب أندر من الغراب الأبلق - وإن شاء ارتكس فيما كان والداه يجاهدان في حمايته منه، وغالبا ما يقع ذلك.
إلا أن ما يهم في هذا الكتاب ما يحفل به من قواعد وضوابط اجتماعية وقانونية وعملية في حماية الأطفال وتأهيلهم للتعامل مع فيض المعلومات المتلاطم امام شاشاتهم، وسيل التواصل والاتصال الذي يزيد سائر الحدود ويذيب كل الجذران، مما يجعله حريا بالمطالعة والتطبيق العملي.
لقد فات اوان الهروب وإغلاق الأبوابن والانقطاع عن العالم..فالعالم أضحى بين ظهرانينا بحلوه ومره، ولا بد من التسلح بالمعرفة والعلم والانتباه إلى مصير الأجيال الصاعدة وتسليحها بالمعرفة النافعة والإيمان القوي لتتخذ الوسائل النافعة للصمود أمام أعاصير الغزو الرقمي الغربي.
إن الشبكة العالمية في طريقها في السنوات المقبلة لتصبح متاحة في أي مكان وزمان وبأدنى الوسائل التقنية، وسيأتي زمان سيكون الارتباط بالشبكة مجانيا أو يكاد، ويتم بكل وسائل الاتصال المتاحة بالهواتف والحواسيب اللوحية والمحمولة والشاشات الدقيقة للحبر الإلكتروني، وكل ذلك سيجعل كل أنواع الحماية غير ذي جدوى، إلا سبيلا واحدا هو الوعي بالمخاطر، واتخاذ الضوابط المعرفية والأخلاقية الإيمانية وسيلة للتصدي للظواهر والأخلاق والتصرفات الفاسدة أو المذمومة  كما ذمها الشرع الحنيف وحذر منها، دون أن ننسى فقه تقنيات الحماية ووسائل الوقاية النافعة، لعلها تنفع في رد الزحف الدائب للوهن الاجتماعي الغربي الزاحف  مثل جيوش النمل على مجتمعاتنا النائمة في غفلة من أمرها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق